يعد احمد شوقي، أمير الشعراء، اول من ابتكر الشعر المسرحي، فهو رائده الاول رغم ان ابا خليل القباني قد كتب قبل شوقي مسرحيتين، لكننا وللنثر المتراكم فيهما لا نستطيع ادراجهما في المسرح الشعري.
واحمد شوقي، مجدد الشعر العربي مع حافظ والبارودي من قبلهما، قد كتب مسرحياته الشعرية في اواخر حياته، بعد اعتلائه امارة الشعر عام 1927م، لكنه كان قد بدأ هذه الخطوة الجريئة قبل ذلك بسنوات عندما تم ابتعاثه الى فرنسا لدراسة الحقوق بجامعة مونبلييه حيث رأى هناك، في عاصمة النور كما تسمى الوان الحضارة والفنون، ومنها المسرح، والمسرح الكلاسيكي
الفرنسي بالذات، فبدأ بكتابة مسرحيته "علي بك الكبير" لكنه لم يتمها واهملها، ثم عاد الى مصر لينخرط بالعمل الوطني والدفاع عن مصر ضد المحتل الاجنبي، رغم رعاية الخديوي له ومدحه له بقصائد غزيرة، وقد نفي الى الاندلس ثم عاد عام 1919م ليواصل مسيرته الشعرية والنضالية والسياسية، حتى كان عام 1927م عندما تمت مبايعته على إمارة الشعر.
ويبدو ان المدارس الشعرية الحديثة وتقلبات العصر وظروفه، ومحاولة البحث عن شيء جديد جعلته يتجه لتكملة مشروعه القديم "المسرح الشعري"، فقام خلال فترة مرضه "1930م" بتأليف عدد من المسرحيات:" مجنون ليلى" و "قمبيز" و "الست هدى" و "البخيلة"، كما اتم مسرحيته "علي بك الكبير" التي بدأها قبل ذلك بسنوات.
وبالاضافة لهذه المسرحيات الشعرية، كتب "مصرع كليوباترا"، "عنترة"، وايضا "اميرة الاندلس" وهي المسرحية النثرية الوحيدة التي كتبها شوقي، وعلى ما يبدو انه بدأها منذ مرحلة سابقة عندما كان منفيا الى الاندلس.
في كل هذه النصوص المسرحية التي الفها شوقي، يتضح تأثره كما اسلفنا بالمسرح الفرنسي الكلاسيكي، وذلك باستثناء نصي "الست هدى" و البخيلة"، حيث استمد احداث مسرحياته من وقائع تاريخية وتراثية.
ولعل اهم ما يميز مسرحيات شوقي، انها لم تأت لتروي احداثا تاريخية صرفة، فقد توخى شوقي في مسرحياته البنية الدرامية من ترتيب منطقي للاحداث وقواعد درامية كالتشويق والعقدة والحل مما جعله يبتعد عن الحقيقة التاريخية المؤكدة لتلك الشخوص، كما فعل في مسرحيته "مصرع كليوباترا"، ومن المميزات الاخرى التي تميز مسرحيات شوقي، تلك العاطفة "الحب" الكبيرة التي شحن بها قلوب ابطاله، مما جعل مسرحه يقترب من المدرسة الرومانسية كثيرا.
على ان السمة الاخيرة تتضح في فشل شوقي بعدم اجادته رسم الشخصيات الدرامية وتصوير ملامحها، كما هو الحال مع الرومانسيين.
وهذا مأخذ يتخذه النقاد المسرحيون على شوقي، كما ان هناك مآخذ اخرى اتخذت عليه، كتغييره الاحداث التاريخية كما ذكرنا واتخاذ الفترات الضعيفة من تاريخ الامم.
هناك معاكسته للعادات العربية التي كانت موجودة، عندما جعل ليلى، في مجنون ليلى، تقدم قيس لاحدى زميلاتها.
على العموم، فشوقي هو رائد المسرح الشعري، وقد جاء من بعده عزيز اباظة ليقدم المسرح الشعري في صورة اكمل من الصورة التي بدأها شوقي الذي قدم
مجموعة من المآسي: مصرع كليوباترا، عنترة، مجنون ليلى، قمبيز، علي بك الكبير، وملهاتان عصريتان: الست هدى والبخيلة.