المدرسة الرومانسية:
ظهرت المدرسة الرومانسية في القرن التاسع عشر الميلادي مع مجموعة من الرواد الكبار أمثال فيكتور هيجوV . Hugo وألسكندر دوما Alexandre Dumas (هنري الثالث ومجلسه) ، وألفرد دو موسيه Alfred de Musset( لورينزاصيو Lorenzaccio، لا نتلاعب بالحب، ليلة البندقية، تقلبات ماريانا، فانتازيو..)، وألفرد دوفينيه Alfred de Vigny وجوته Goethe صاحب مسرحية( فاوست) وشيلرSchiller…
ومن مرتكزات الرومانسية في المجال الدرامي:
أ- حرية الإبداع؛
ب- تكسير الوحدات الثلاث؛
ج- الخلط بين الأجناس الأدبية وتوحيدها في بوتقة واحدة كالمزج بين التراجيدي والكوميدي، والجمع بين الشخصيات النبيلة والدنيئة، وبين الضحك والبكاء؛
د- الجمع بين الرفيع والوضيع؛
هــ- محاكاة الطبيعة.
وتعد مقدمة كرومويل Cromwell (1829) البداية الفعلية لتأسيس المسرح الرومانسي الثائر على المسرح الكلاسكي المرتبط بقواعد أرسطو وتعاليم المسرح الروماني.
وينطلق هذا المذهب الرومانسي من فلسفة جان جاك روسو الداعية إلى العودة إلى الطبيعة والثورة على مجتمع المدنية والفساد. كما نجد هذا المذهب يدافع كثيرا على فن الفرد والشخصية وتشخيص الذات والإيمان بالعاطفة بدل العقل، لذا تحضر لديهم صور روحانية مجردة تسمو بالإنسان. ودراميا، استوحى آراء شكسبير الدرامية في الثورة على الوحدات الثلاث المعروفة، وتنويع النغمات والخلط بين الأجناس.
وقد انطلقت الرومانسية في ألمانيا مع جوته صاحب( فاوست) الذي اشترى منه الشيطان روحه مقابل سيطرته على العالم وتملك القوة. وتعد هرناني Hernani (1830)لفكتور هيجو نموذجا رومانسيا يوضح لنا رؤية هوجو تجاه المذهب الكلاسيكي. ففي هذه المسرحية نجد عقدتين: سياسية وعاطفية، وتقع في عدة مواقع وأمكنة: تارة في ساراغوس، وتارة في جبال أراغون، وتارة أخرى في إيكس لا شابيل Aix- la Chapelle أي بين إسبانيا وفرنسا، وتمتد الرواية كذلك عبر شهور عدة، والمحاكاة مهملة فعلا في هذه المسرحية التي تعلن بداية المسرح الرومانسي.وهذا ينطبق أيضا على مسرحيته روي بلاسRuy Blas( 1838)؛ بيد أن مسرحيته بورﭽراف Les Burgraves (1843) تشكل نهاية المرحلة الرومانسية.
7- المدرسة الطبيعية:
تستند هذه المدرسة التي ظهرت مع إميل زولا سنة1880 إلى العلوم البيولوجية والفلسفة التجريبية وأعمال داروين وكلود برنار وتين. ويقرن زولا الأدب بالملاحظة والتجريب؛ وذلك بدراسة الشخصية في إطارها المكاني والزماني باستعمال التجربة وتكرارها قصد ملاحظة السلوك الإنساني الذي يخضع لما هو فردي واجتماعي قصد الوصول إلى الحقيقة والمعرفة الصادقة في فهم الشخصية وتفسيرها. أي أن الفن الطبيعي هو الذي ينقل لنا الأحداث كما تقع في الطبيعة ودراسة آلياتها مع التحكم فيها من خلال تغيير العوامل المكانية والظرفية دون إبعاد قوانين الطبيعة. وكل هذا من أجل معرفة الإنسان معرفة علمية بسلوكه الفردي والاجتماعي ودراسة أهوائه ونوازعه.
وقد بنيت الدراما الطبيعية على الاستقراء السيكولوجي والملاحظة الموضوعية لإيجاد حلول علاجية لشخصيات مرضية كأن المسرح علاج وشفاء تطهيري للأفراد والجماعات. وأصبح المسرح يبحث عن العلاج لكل الأدواء والجروح الاجتماعية. وكانت المسرحيات تقدم الحياة في ثوبها الطبيعي ولكن بطريقة فنية. وكانت كل العناصر الدرامية في المسرح الطبيعي تسعى إلى تطوير فعالية رسم القيم والأخلاق كما نجد في نصوص هنري بيك Henry Becque. ومع المدرسة الطبيعية، ظهر المخرج بالمفهوم المعاصر. أما قبل ذلك، فكانت العملية الإخراجية يتكلف بها الكاتب أو الممثل الرئيسي حيث يقرأ النص ثم يوجه الممثلين أو الديكوري ويطبع لمجموعة العرض أسلوبا منسجما مرتجلا. ولقد فرض تعدد الاختصاصات والبحث عن الواقعية الحقيقية وتطفل الكتاب على المسرح إيجاد مخرج متخصص في المسرح. ويعد دوق جورج الثاني Duc George بساكس مينشن Saxe- Meiningen بألمانيا الذي كان يسير مسرحه بمينشن أول مخرج حقيقي إذ كان يعتمد أسلوبا سلطويا وكان له تاثير على عدة أجيال. وفي فرنسا، يعتبر أندري أنطوان André Antoine أول مخرج مسرحي الذي أخرج للمسرح الحر عدة مسرحيات طبيعية وكان يوجه ممثليه إلى تدقيق التفاصيل والسير بهم نحو تقليد وفي للحياة. وقد ساهمت الواقعية السيكولوجية في تطوير المسرح ودراسة الشخصية دراسة سيكواجتماعية ولاسيما الشخصيات المعقدة والمركبة مع النرويجي هنريك إبسن Henrik Ibsen والسويدي أوغوست شتريندبرغ August Strindberg اللذين يعدان المؤسسين الحقيقيين للمسرح المعاصر. وفي روسيا، ازدهر المسرح الواقعي في القرن 18م مع أوطروفسكي Ostrovski وجوجول Gogol؛ بيد أن الواقعية ستهيمن على المسرح الروسي مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي حيث سنجد مجموعة من الطبيعيين أمثال:ليوتولوستوي وماكسيم كوركي وأنطوان تشيكوف وكذلك قسطنطين ستانيسلافسكي الذي أنشأ مسرح الفن بموسكو، وطور طريقة في التمثيل تعتمد على الاقتصاد في الإكسسوارات والتمسك بالواقعية الحقيقية في إظهار العواطف الحقيقية لدى الممثلين كما قدم مسرحيات طبيعية، ولا ننسى كذلك تشيكوف الذي حقق نجاحا كبيرا.
8- المدرسة الرمزية:
ظهرت الرمزية بعد هزيمة حرب1870 و مع الثورة ضد القيم البورجوازية المادية والتأثر برؤية الموسيقي الألماني ريشارد فاجنرRichard Wagner. و يرى فاجنرأن الكاتب الموسيقي الدرامي عليه أن يرسم عالما مثاليا، وأن يخلق أساطير على غرار المسرح القديم، وأن يثير العالم الروحي الداخلي للشخصيات المرصودة، وألا يتم التركيز فقط على المظهر الخارجي. وكانت لهذه الآراء أثر كبير في الأوساط المثقفة في فرنسا سنة 1880؛ مما ساهم في إفراز تيار أدبي رمزي يدعو إلى اللامسرح الذي يعتمد على الروحانيات وتداعي اللاشعور واستعمال الصور الرمزية والإيحاءات الحدسية الانزياحية مع توظيف إيقاع بطيء واستقراء ما هو مضمر في النفس الإنسانية والتمرد على الواقع والجنوح نحو اللاعقلانية. ونستحضر بالخصوص نصوصا ما بين1890/1900 لموريس ماتيرلنك Maurice Maeterlinck أو بول كلوديل Paul Claudel ونصوص تشيكوف وإبسن أو ستريندبرغ. وقد ساهمت أفكار الرمزيين في بلورة نظريات السويسري أدولف آبياAdolph Appia والمخرج البريطاني إدوارد غوردون كرايج Edward Gordon Craig الذين ثارا ضد واقعية الديكورات الملونة مقترحين عناصر موحية ومجردة مع استعمال لعبة الإضاءة لخلق الانطباعات بدل الإيهام بالواقع.وفي 1896، قام المخرج الرمزي لونيي بو بتركيب مسرحية ألفريد جاري Alfred Jarry (أبو ملكا Ubu Roi) وهي مسرحية مهيجة وشاذة.
9- المدرسة الانطباعية:
نشطت الحركة الانطباعية بألمانيا في سنوات1910 -1920 مصورة المظاهر القصوى والغريبة للروح الإنسانية خالقة عالما من الكوابيس المزعجة. ومن الناحية السينوغرافية، تتميز التعبيرية بالانزياح والشذوذ والمبالغة في الأشكال واستعمال الظلال والأضواء بشكل إيحائي. ومن النماذج التمثيلية لهذه التعبيرية نجد جورج قيصر Georg Kaiser وإرنست طولر Ernst Toller. وقد طبق أوجيل أونيل Eugene O’Neill هذه الطريقة منذ سنة 1930 في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة في( الإمبراطور جون) و( الغريب الفاصل) قصد توظيف سيكولوجية الشخصيات بشكل أفضل.
10- المدرســــــة الدادية:
لم تظهر الدادية إلا كرد فعل على ويلات الحرب العالمية الأولى التي دمرت الإنسان الأوربي، و كرد فعل أيضا على العقل الغربي الذي استلب الإنسان الأوربي وجعلته بدون إرادة وحرية، ولم يجد له حلولا شفائية لمشاكله الروحية؛ لذا التجأت هذه المدرسة إلى التغني باللاعقلانية والثورة على الواقع الموبوء بالحروب والدمار والخراب. ويعد الأديب الروماني تسارا أحد المبلورين لهذا المذهب سنة 1917م بعد أن اجتمع بمجموعة من الفنانين والأدباء بزيوريخ بسويسرا ناقمين على العقل الواعي والحروب الطائشة التي أرجعت العالم إلى عهد الطفولة( كلمة دادا كلمة طفولية تقولها الأمهات للأطفال عند تعليمهن المشي لهم) قصد إظهار موقفهم بكل صراحة من هذه الحرب الطاحنة. وشكل هؤلاء المنعزلون عن الحرب الغاشمة حركة الدادية.
11- المدرسة السريالية:
تبلورت هذه المدرسة كرد فعل على التيار الواقعي والطبيعي، وامتحت تصورها من سيكولوجية فرويد ومن اللاشعور والعقل الباطن واستلهام الذاكرة والأحلام. وظهرت هذه الحركة في سنة 1919 ونضجت في العشرينيات. ومن مبادئها التسلح باللاوعي واللاعقلانية وأن الحقيقة هي التي يعبر عنها العقل الباطن والأحلام و ذلك بالتحرر من سيطرة العقل والوعي والمنطق. وقد أعطيت الأهمية الكبرى للنفس الإنسانية واستنطاق اللاوعي؛ لذلك تعتبر الفن نابعا من الفوضى والهذيان على غرار التحليل السيكولوجي القائم على تداعي المعاني تداعيا حرا بدون رقابة أو محاسبة عقلية واعية من قبل الأنا الأعلى. ومن المنظرين لهذا المذهب الأدبي أندريه بريتون André Breton الكاتب الفرنسي الكبير، ومن رواده أيضا لويس أراغون Louis Aragon وفيليب صوبولت Philippe Soupault وفي مجال الدراما نجد كيوم أبولينير( أثداء تيريزيا)، وروجر فيطراك Roger Vitrac( فيكتور أو أولاد السلطة)، ونجد كذلك جان كوكتو يكتب مسرحية بعنوان( الآباء المفزعون) تسير في الاتجاه السريالي الثائر على الواقع الموجود.
12- المدرسة المستقبلية:
المستقبلية أو المستقبليون عبارة عن مدرسة فنية وجمالية وأدبية إيطالية انطلقت في باريس في سنة 1909 على يد مارينيطي Marinetti الذي كان يمجد الحركة والمستقبل والتقنية والحداثة. وقد استفادت الفنون بهذه الحركة من بينها المسرح والتشكيل الذي برع فيه كل من بالا Ballaوبوكشيوني Boccioni وسيفيريني . Severini. وفي روسيا، هي حركة أبية ظهرت ما قبل الحرب مع موياكوفسكي MAIAKOVSKI.
13- مسرح التغريب:
ظهر مسرح التغريب مع المنظر الألماني بريشت BRECHTكرد فعل على المسرح الواقعي. ويرى بريشت أن الفن الدرامي وسيلة لتحويل المجتمع ووسيلة سياسية قادرة على تحريك الجمهور والسير به في السياق الاجتماعي.وبهذا المنطق، كتب بريشت نصوصا ملحمية ( عكس النصوص السردية) التي تستدعي مشاركة الجمهور المتفرج لتقديم أحكامه العقلية على العروض المسرحية عن طريق عملية التغريب.وكان يعتمد بريشت صاحب المسرح الملحمي السياسي على المسرح الفقير الذي يخلو من الديكورات المترفة، ويستند كذلك إلى عارض سينوغرافي شفاف مع التقريب بين المشاهد القصيرة ومزجها بتدخلات خارجية. ومن أعمال بريشت نجد
أوبرا كاتسوQUAT’SOUS) المعروضة سنة 1928 و(الأم الشجاعة وأطفالها ) المكتوبة في سنة 1941.
14- مسرح أنطونين آرطو:
ساهم الكاتب الفرنسي والدرامي أنطونين آرطو Antonin Artaud في كتابه "المسرح ومضاعفه" Le Théâtre et son doubleفي تجديد المسرح الغربي. وحسب آرطو، المجتمع مريض ويستلزم الشفاء العاجل؛ ولكن ليس بواسطة السيكولوجيا، بل بواسطة مسرح روحاني. والمسرح الصافي عنده هو مسرح يهدم الأشكال القديمة ويبرز حياة منبعثة. كما يعتمد آرطو على الاستفادة من المسرح الشرقي والموروثات البدائية وتجديد اللسان المسرحي مع تدشين « مسرح القسوة" Théâtre de cruauté مع زعزعة المتفرجين وإعادة رسم الحدود الفاصلة بينهم وبين المتفرجين مع تصغير أو إزالة الخطاب وتعويضه بالأصوات والحركات. ويتبين لنا أن آرطو يدعو إلى مسرح عالمي متعدد الأشكال الثقافية. ولكن ما يلاحظ على آرطو الغموض الفكري والتصوري لأن ليس هناك نموذج درامي يشخص أفكاره الهامة سوى تجربته السيئة الحظ في سنة 1935Les Cenci "لي سينسي"التي أثارت عدة تأويلات وإطالات نقاشية متنوعة غالبا ما كانت متناقضة.
15- مسرح ما بعد الحرب:
بعد الحرب، أحس الفنانون بضرورة إقامة مسرح مدني وشعبي وملتزم ومندمج بكل طاقاته القصوى في أحضان الحياة والمدينة.ويمكن أن نعتبر مابين 1947 و1967 سنوات خصبة في تاريخ مسرح القرن العشرين إذ انتعش المسرح الشعبي والمسرح الملتزم ومسرح اللامعقول. وفي 1947، نشأ مهرجان أفينيون Avignon بفرنسا يديره جان فيلارJean Vilar محاطا بمجموعة من كبار الممثلين مثل: Alain Cuny, Gérard Philipe, Silvia Monfort, Maria Casarès, Philipe Noiret, Jeanne Moreau وآخرين. وكل هؤلاء انصهروا في بوتقة حركة إصلاح الفن الدرامي نحو لا تركيز مسرحي. وإذا كان فيلار يسعى إلى تأسيس مسرح شعبي فإن هناك من كان يخوض في قضايا الالتزام لاسيما المذهب الوجودي مثل: Jean – Paul Sartre, Albert Camus, George Bernanos, Jean Genet, Aimé Césaire. وفي بريطانيا، نجد مسرحية سلام الأحد(1956) ل John Osborne اتخذت مثل رمز للشباب الغاضب لسنوات الخمسينيات. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، اشتهر المسرح الحياتي الذي أنشأه كل من:Julian Beck, Judith Malina القائم على قواعد فنية درامية جديدة قصد تأسيس قطب المعارضة و صالة للاثقافة. وفي ألمانيا، كتب مجموعة من الكتاب عروضا درامية وثائقية متأثرين في ذلك ب Brechtمركزين على قضايا سياسية وأخلاقية واجتماعية تتعلق بالفرد. وهنا نستحضر حالة القسيس(1963) ل Rolf Hochhuth الذي يحاكم فيه الكاتب الصمت المسؤول للبابا Pie 12 إبان الحرب العالمية الثانية.
16 مسرح اللامــــــــعقول:
يعد مسرح اللامعقول من أهم الحركات المسرحية الطليعية في القرن العشرين. وقد تأثرت الحركة بالفلسفة اللاعقلانية وأدب الغرابة والسريالية والدادية ووجودية سارتر. ومن رواد هذا الاتجاه المسرحي صمويل بيكيتBeckett، ويونيسكو Ionesco وأرابال Arrabal وأداموف Adamov. وقد عرف مسرح اللامعقول أوجه مع سنوات الخمسين وبقي تأثيره حتى سنوات السبعين. وينبني هذا المسرح على الغرابة والشذوذ واللامنطق وانعدام الترابط السببي حتى في اللغة واستعمال لغة الصمت واللاتواصل والحركات السيميائية الموحية. إنه مسرح يعبر عن لا معقولية هذه الحياة، ويفتقد العقد التقليدية وتنعدم فيه الحلول كما هو الحال بالنسبة لمسرحية بكيت في (انتظار غودو) ناهيك عن غموض أفكار هذا المسرح وإيغاله في التجريد الرمزي وتكسير الوحدات الأرسطية والعبث بها كما نجد ذلك في (الحبل المتهدل) لأرابال و(الكراسي) ليونسكو ومسرحية (الغرفة). وقد ينعدم الحوار في هذه العروض الدرامية اللامعقولة إذ لا تتكلم الشخصيات إلا بحوار غامض أو متقطع أو بكلمة أو بكلمتين أو يكون كلاما مبهما بل نجد شخصيات صماء وخرساء مثل مسرحية( النادل الأخرس). ومن الذين تأثروا بهؤلاء الدراميين نجد Edward Albee الأمريكي الذي قدم عروضا لا منطقية وغير مفهومة على غرار كتاب مسرح اللامعقول الأوربي. كما يشبهه في ذلك Harold Pinter في مسرحية (العودة) سنة 1964.
17- المــــسرح الجديد:
لقد ساهمت أفكار أنطونين أرطود في ظهور المسرح الجديد في سنوات العقد السادس من القرن العشرين الذي جسده مسرح مختبر Wroclaw للبولوني Jerzy Grotowski، وكذلك ورشة مسرح القساوة ل Peter Brook، وكذلك أيضا مسرح الشمس ل Ariane Mnouchkine والمسرح المفتوح ل Joseph Chaikin. ويرتكز هذا المسرح الجديد على العمل الإبداعي الجماعي للممثلين بدلا من الارتكاز على النص، وتحضر المشاهد الدرامية بعد أشهر عدة من العمل مع التركيز على الحركات والإشارات والأصوات واللغة غير المسننة وعلى فضاء غير عادي ولا طبيعي. ومن النماذج التمثيلية لهذا النوع من المسرح نذكر Marat Sade ل Peter Weiss..
18- المسرح المعاصر:
إذا كانت الطبيعية قد تم تجاوزها بعد الحرب العالمية الأولى فإن الشكل الواقعي استمر يهيمن على المسرح المؤسساتي. لكن هذه الواقعية ليست سيكولوجية بل إعادة بناء واقعية للحقيقة الاجتماعية.ومن النماذج الممثلة لها في الولايات المتحدة الأمريكية نذكر Arthur Miller , Tennessee Williams, Eugene O’Neill.
وقد تطور المسرح الأمريكي في سنوات الخمسين بفضل أستوديو الممثلين الذي أنشأه كل من Elia Kazan, Lee Strasberg. وكون هذا الأستوديو مجموعة من الممثلين الأمريكيين المشهورين مثل: James Dean, Marlon Brando, Marilyn Monroe, Paul Newman, Elizabeth Taylor. وقد اعتمد ستراسبرغ في منهجيته الدرامية على نظريات ستلانيسلافسكي Stanislavski، وأعطى الأولوية للإحساس والبحث عن لعبة حية عصبية وطبيعية. وسمحت هذه التقنية في العمل للممثل لكي يتحرر من سيطرة النص والمخرج وأن يرتجل كلامه، وأصبح هذا الارتجال اليوم مرحلة مهمة في العمل المسرحي.
وإلى جانب هذا المسرح، ظهرت مسارح جانبية في الولايات المتحدة الأمريكية كمسرح الشارع وورشات المسرح الطليعي الذي مثله فنانون مهمشون اكتفوا بالمسرح الفقير، وقدموا عروضهم في المقاهي والكنائس والملاعب. وفي أوربا وأمريكا، بدأ الاهتمام بالإخراج المسرحي خاصة مع سنوات العقد السبعيني وذلك بتطوير السينوغرافيا وإعادة قراءة النصوص الكلاسيكية على ضوء قراءات درامية جديدة أدبية وسياسية واجتماعية ودراماتورجية.
خاتمــــــــــــــــة:
من الصعب معرفة المسرح أو ممارسة طقوسه وعروضه التمثيلية أو كتابة النصوص والنظريات إذا لم يستوعب الإنسان الفعل المسرحي وتاريخه وتاريخ حركاته الأدبية والفنية ومدارسه عبر تسلسله الزمني قصد معرفة الثوابت والمتغيرات والسياق الإيديولوجي والاجتماعي والظروف التي أفرزت تلك المدارس وساهمت في خلق مبادئها ومرتكزاتها الدلالية والفنية والجمالية.