اشتهر الصينيون في مجال مسرح الأطفال في فترة مبكرة، حيث ظهر عندهم مسرح خيال الظل، ومسرح العرائس، الذي نشأ في جاوا، حيث كان الأب يقوم بتحريك العرائس في البداية، وكان الجمهور المشاهد من أفراد أسرته نفسها، إلى أن تطور إلى فن يشرف عليه محترفون، ويرى بعض الباحثين أن الهنود لعبوا دورا هاما في إظهار مسرح العرائس، حيث صنعوا عرائس ناطقة أمام الممثلين على خشبة المسرح، ولعبت دراما الطفل في اليونان دورا رئيسا، حيث كان الأطفال يشتركون في المواكب الدينية التي تؤدى بطابع درامي، كما أن الجمهور المشاهد كان معظمه من الأطفال إلى جانب المشاهدين الكبار.
وقد قام الأطفال في العصر الدرامي الأول بإنجلترا بأدوار رئيسة في المسرحيات، وقد كان اهتمام المدارس كبيرا بالمسرح، حيث قام مدراء المدارس بتأليف المسرحيات مثل مسرحية "رالف دويستير"، وفي عام 1566 مثّل طلاب إحدى المدارس مسرحية كوميدية بعنوان "باليمون واركبت"، وقدّم كذلك طلاب مدرسة "سانت بول" إحدى مدارس المنشدين آنذاك، عدة عروض مسرحية؛ حتى أن المدرسة ألحقت فيما بعد مسرحا صغيرا بها، وأنشأت دارا للتمثيل.
وفي عام 1780 تمّ نشر أربعة مجلدات بعنوان "مسرح التعليم" مثل "هاجر في الصحراء"، و"الطفل المدلل"، و”الأصدقاء المزيفون"، وحظي الكتاب بإعجاب كبير وتُرجم إلى عدة لغات.
وكان أول من اهتم بدراما الطفل في أمريكا المؤسسات الاجتماعية، حيث تم تأسيس أول مسرح للأطفال فيها عام 1903، وسُمي بالمسرح التعليمي للأطفال، وقد تمّ عرض عدة مسرحيات فيه منها "الأمير والفقير" و"الأميرة الصغيرة"، وكان الإنتاج في هذا المسرح يساير الخطة التعليمية في أمريكا، وبدأت إدارة البلديات في عام 1932 في المدن الرئيسة تهتم بإنشاء مسارح ثابتة تعنى بمسرحيات الأطفال، وظهر عام 1947 مسرح الأطفال العالمي الذي عني بتقديم المسرحيات في مختلف أنحاء أمريكا، ثم اتسع الاهتمام بالمسارح عندما أصبحت مادة مسرحية الأطفال والدراما الخلاقة تدخل إلى المناهج الدراسية في العديد من الجامعات والكليات الأمريكية.
وأصبحت اليوم مسارح الأطفال متنوعة، متعددة، مما يصعّب عملية حصرها، فقد تنوعت بين مسارح خيال الظل، والدمى بأنواعها المختلفة، والأقنعة بل والمسارح الورقية التي يصنع الأطفال أبطالها من الورق المقوى... بجانب المسارح البشرية التي تعمل عليها فرق الهواة أو المحترفين، وقد يلعب عليها الأطفال أنفسهم كما يحدث في المسرح المدرسي، والتعليمي، والتربوي...ومسرحيات تخلط هذا مع ذاك.
وتعددت مسارح الأطفال إلى حد لا يمكن إحصاؤه، فقد احتوى الاتحاد السوفيتي -على سبيل المثال- بعد الحرب العالمية الثانية 112 مسرحا بشريا، و 110 مسرحا للعرائس!، وقد تجاوزت المسارح في هذا العصر أرقام المدن والقرى، إذ يحدث أن يكون بالمدينة الواحدة أكثر من مسرح للأطفال مجهز بكافة الأدوات تقدم عليه عدة فرق أعمالها على مدار العام، وأصبح لكل بلد خطة وبرنامج ومنهج، من أجل تدريب الطفل على تذوق الدراما، ومن أجل تهيئته لكي يصبح متفرجا يعشق المسرح.
وتخصصت بعض الفرق المسرحية بتقديم أعمالها فقط لسن ما قبل المدرسة -أقل من السادسة- ومن ذلك فرقة مسرحية في نيويورك يستقبل ممثلوها الأطفال الضيوف بملابسهم المسرحية ليتعودوا عليها وعليهم، ويعطون للأطفال تذكرتين متصلتين، تفصلان عند منتصفها، حتى لا يبكي الأطفال حين تؤخذ التذكرة منهم عند الباب، ويصطف الأطفال الصغار قبل العرض في طابور يتجه إلى دورات المياه، حتى لا يقوم الأطفال أثناء العرض، ثم يتجهون إلى أماكن جلوس منفصلة عن أماكن آبائهم.