نشأة الصحافةماهية الصحافة
الصحافة، بكسر الصاد، من صحيفة. وجمعها: صحائف أو صحف. والصحيفة هي الصفحة،
وصحيفة الوجه، أو صفحة الوجه، هي بشرة جلده. والصحف وصحائف هي الكتاب، بمعنى
الرسالة، وفي القرآن الكريم: )هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (18) صُحُفِ
إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى( (الأعلى: 18-19). والصحف، هنا، بمعني الكتب المنزلة.
والصحيفة، أو الصفحة، هي القرطاس المكتوب، أو ورقة الكتاب بوجهيها. وورقة
الجريدة بها وجهان، أي صفحتان، أو صحيفتان؛ فسميت صحيفة، ومنها جاءت كلمة:
صحافة، والمزاول لها يسمى صِحفياً بكسر الصاد، أو صُحفياً، بضم، أو فتح
الصاد.
تسمى الصحافة في الإنجليزية journalism من الأصل journal أحد مشتقات كلمة
jour الفرنسية، أي يوم، وكلمة journal في الفرنسية تعني، في الأساس، يومي، من
يوم، أما الجريدة فتسمى، بالفرنسية، journale أي يوميـة، وبالإنجليزية
newspaper وهي كلمة، من الكلمات الإنجليزية المركبة، من news أي أخبار،
وpaper أي ورق، ومعناها مجردة "ورق الأخبار".
وتُعرف الصحافة، بكسر الصاد، بأنها مهنة من يجمع الأخبار، والآراء، وينشرها
في صحيفة أو مجلة. والصحيفة هي مجموعة صفحات، تصدر يومياً، أو في مواعيـد
منتظمة، وتتضمن أخبار السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، وما يتصل
بها.
تستخدم كلمة press الإنجليزية، بمعنى صحافة، وتعني شيئاً مرتبطاً بالطبع،
والنشر، والأخبار والمعلومات، وكذلك journalism بمعنى صحافة، وjournalist
بمعنى صحفي. ومنها اشتق المصحف (بضم الميم أو كسرها)، بمعنى الكتاب، الذي
جمعت فيه الصحف، أي الأوراق والرسائل.
المفهوم الاصطلاحي للصحافة
الصحافة هي جمع الأخبار ونشرها، ونشر المواد المتصلة بها، في مطبوعات، مثل
الجرائد، المجلات، الرسائل الإخبارية، المطويات، الكتب، وقواعد البيانات
المستعينة بالحاسبات الإليكترونية. أمَّا الاستعمال الشائع للصحافة فينحصر في
إعداد الجرائد، وبعض المجلات، وإن كان يمكن أن يتسع ليشمل باقي صور النشر
الأخرى.
والصحافة، كذلك، هي صناعة الصحفي، والصحافيون هم القوم الذين ينتسبون إليها،
ويعملون بها. أول من استعمل لفظ الصحافة، بمعناها الحالي، كان الشيخ نجيب
الحداد، منشئ جريدة "لسان العرب"، في الإسكندرية، وحفيد الشيخ ناصيف اليازجي،
وإليه يرجع الفضل في هذا المصطلح "صحافة"، ثم قلده سائر الصحفيين، بعد ذلك.
استخدم العرب والأوروبيون عديداً من المصطلحات لوصف الصحافة، بأشكالها
المختلفة. فعند دخول الصحافة، لأول مرة، في مطلع القرن التاسع عشر، كان يُطلق
عليها لفظة "الوقائع"، ومنها جريدة الوقائع المصرية، كما سمَّاها رفاعة
الطهطاوي. وسميت كذلك "غازته"، نسبة إلى قطعة من النقود، كانت تباع بها
الصحيفة. كما أطلق عليها الجورنال.
وقد أطلق العرب لفظ الغازته على الصحف، في أوائل عهدها، تقليداً للأوروبيين؛
حيث يقال إن أول صحيفة، ظهرت في البندقية، عام 1656، كانت تسمى غازته؛ فشملت
هذه التسمية، فيما بعد، كل الصحف، بلا استثناء.
وعندما أنشأ خليل الخوري، عام 1858، جريدة "حديقة الأخبار" في بيروت أطلق
عليها اللفظ الفرنسي "جورنال". وكان الكونت رشيد الدحداح اللبناني، صاحب
جريدة "برجيس باريس"، الباريسية، هو أول من اختار لفظ "صحيفة"، وجرى مجراه
أكثر أرباب الصحف، في ذلك العهد، وبعده؛ فما كان من أحمد فارس الشدياق
اللبناني، صاحب "الجوائب" في القسطنطينية، وهو الذي ناظر الكونت رشيد
الدحداح، في بعض المسائل اللغوية، إلاّ أن عقد العزم على استعمال لفظ "جريدة"
(وهي الصحف المكتوبة كما وردت في معاجم اللغة) ومن ذاك الوقت شاع لفظ
الجريدة، لدى جميع الصحفيين، بمعناها العصري.
وقد استعمل بعضهم، كالقس لويس صابونجي، صاحب "النحلة"، لفظة "النشرة"، بمعنى
الجريدة، أو المجلة، وهكذا صنع المراسلون الأمريكيون، أصحاب "النشرة
الشهرية"، و"النشرة الأسبوعية"، في بيروت وغيرهم.
ومن المسميات، التي أُطلقت على الصحافة، "الورقة الخبرية" و"الرسالة الخبرية"
وقد استعملتها جريدة المبشر، وأكثر الصحف العربية، في الجزائر ومنها كذلك
"أوراق الحوادث"، وهو الاسم الذي أطلقه، للدلالة على صحف الأخبار، نجيب نادر
صويا، منشئ مجلة "كوكب العلم"، في القسطنطينية.
وهناك، كذلك، اسم "المجلة" وأول من استعمله، في الوطن العربي، كان الشيخ
إبراهيم اليازجي، عندما أصدر مجلة "الطبيب"، عام 1884. ولفظة المجلة أصلها
الفعل "جل"، أي علا وسما مقاماً، أو وضح وظهر. ومن ثم فإن اسم المجلة يعني
إيضاح الحقائق.
وقد اندثرت المسميات السابقة كلها، ولم يبق منها سوى: الجريدة Newspaper
والمجلـة Magazine
أولاً: الجريدة Newspaper
هي وسيلة اتصال مطبوعة، تصدر بشكل دوري، اشترط لها الباحث الألماني،
اوتوجروت، عام 1938، خمسة معايير أساسية، تميزها عن غيرها، من وسائل الاتصال،
وهي:
1. أن تُنشر بشكل دوري، لا يتجاوز أسبوعاً.
2. أن تُطبع بآلات الطباعة.
3. أن أي شخص، يستطيع دفع سعر هذه المطبوعة، ينبغي أن يكون له حق الحصول
عليها، أي أنها متاحة لكل شخص، وليس فقط لنخبة مختارة، أو مؤسسة، أو منظمة
ما.
4. أن محتواها ينبغي أن يتنوع، ويشمل كل ما يهم الجماهير. بكافة طوائفها.
5. أن تعالج قضايا معاصرة لوقت صدورها، مع شيء من الاستمرارية.
ويحدد مؤرخ الصحافة الأمريكي المعروف، ادوين ايمري، سبعة معايير، أو سمات،
للجريدة هي:
1. أن تنشر أسبوعياً على الأقل.
2. أن تطبع بآلات الطباعة.
3. أن تكون متاحة لجميع طوائف المجتمع وفئاته.
4. أن تنشر الأخبار ذات الاهتمام العام في المجالات ذات الموضوعات
المتخصصة.
5. أن يستطيع قراءتها كل من تلقي تعليماً عادياً.
6. أن ترتبط بوقتها.
7. أن تكون مستقرة، عبر الوقت.
وتشمل الجرائد، كلاً من: الجريدة اليومية، التي تصدر أربع مرات، أسبوعياً،
على الأقل، وغير اليومية، التي تصدر أقل من أربع مرات، أسبوعياً.
ثانياً: المجلة Magazine
تعود كلمة مجلة Magazine إلى الكلمة الفرنسية Magazin المأخوذة عن كلمة
"مخزن" العربية، وقد استعمل هذا المصطلح، تاريخياً، لأول مرة، عام 1731، ليصف
الصحيفة التي لها شكل الجريدة، متنوعة المحتوى؛ وذلك لأن الجريدة مخصصة، بشكل
محدد، للأخبار والأخبار السريعة والمحلية، بينما تقدم المجلات قصصاً،
ومقالات، ودراسات جادة، ومواد أخرى للتسلية.
ولعل أكثر التعريفات قبولا،ً هو تعريف فرانك لوثرموت، للمجلة بأنها: "مطبوع
مغلف، يصدر بشكل دوري، طويل أو قصير، ويحتوي على مادة مقروءة متنوعة